الهيكل الذي على اسم القمر، ولم يكن بقي لهم في المسكونة هيكل سواه، وجعلوه معقلا،
[إسلام أكثر الصابئة على يد بني نمير]
وأسلم كثيرون ممّن في حرّان من الصابئة، وكانوا جماعة وافرة العدد مخافة منهم.
[اجتماع الدرزية في جبل السّمّاق واستضامتهم المسلمين]
وكان قد اجتمع في جبل السّمّاق [1] من بلد الروم جماعة من الدّرزيّة، وجاهروا بمذهبهم، وأخربوا ما عندهم من المساجد، وتحصّن دعاتهم وكثير من عوامّهم في مغاور شاهقة منيعة، وقصدهم وانضوى إليهم خلق من أهل نحلتهم، وتوفّر عددهم، واستضاموا المسلمين المجاورين لهم من أهل بلدان حلب والذين هم بينهم، ووعدوا أنفسهم وأطمعوا عوامّهم بقوّة أيديهم وكثرة استيلائهم على البلاد والأعمال القريبة والبعيدة.
[سنة 423 هـ.]
[الروم يقبضون على دعاة الدروز ويقتلون أتباعهم في المغاور]
ورأى نيقيطا الرقطر قطبان أنطاكية مبادرتهم قبل تفاقم أمرهم وتخطّيهم إلى الفساد والعيث. ورسم لمن يجاورهم من طرامخته قصدهم برجالهم وأصحابهم، فتلطّفوا في أن قبضوا على دعاتهم وأماثلهم وقتلوهم، وحاصروا باقيهم في تلك المغاور، ونصبوا عليها القتال اثنين وعشرين يوما إلى أن التمسوا الأمان، وخرجوا منها هاربين، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وتتبّع الروم المسلمين في أعمالهم منهم، وأخذوهم واضمحلّوا ودثروا [2].
... [1] جبل السّمّاق: جبل عظيم من أعمال حلب الغربية، يشتمل على مدن كثيرة وقرى وقلاع، عامّتها للإسماعيلية الملحدة. (معجم البلدان 2/ 102). [2] قال ابن العديم: «وفي أيام نصر اجتمع بجبل السّمّاق قوم يعرفون بالدرزية منسوبون إلى رجل خيّاط أعجمي، وجاهروا بمذهبهم، وخرّبوا ما عندهم من المساجد، ودفعوا نبوّة الأنبياء، وجحدوهم إلاّ الإمام الحاضر الذي يدعو إليه الدرزي، وأحلّوا نكاح المحارم، وتفاقم أمرهم، وتحصّنوا في مغاير شاهقة على العاصي، وانضوى إليهم خلق من فلاّحي حلب، وطمعوا بالاستيلاء على البلاد. فخرج إليهم نقيطا قطبان أنطاكية، وحاصرهم في المغاير، ودخّن عليهم، وساعده على ذلك نصر بن صالح صاحب حلب، ثم التمسوا الأمان بعد اثنين وعشرين يوما، فأخرجوهم بالأمان، وقبضوا على دعاتهم وقتلوهم، وذلك في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وعشرين-